سجل بياناتك الان
الفروق الأساسية بين الضريبة والزكاة لا يجب أن يطلق على الزكاة ضريبة ، ولا أن يطلق على الضريبة زكاة ، حيث توجد فروق أساسية بينهما ، وإن وجد بعض التماثل فى بعض الجوانب الإجرائية . ويمكن تلخيص أهم الفروق الجوهرية بين الزكاة والضريبة على النحو التالى: (1) - زكاة المال فريضة وركن من أركان الإسلام وعبادة مالية وطاعة لله ورسوله ، والضريبة ليست كذلك . (2) - زكاة المال عبارة عن تمليك جزء من الأموال لمستحقى الزكاة ، وهى حق لهم وليس مّنة من الأغنياء عليهم ، بينما الضريبة اقتطاع إجبارى لجزء من أموال الأفراد والشركات والمؤسسات وغيرها توجه إلى خزينة الدولة وفقاً للتشريع الضريبى الوضعى . (3) - الزكاة حق لمستحقيها وهذا الحق معلوم لكل من المكلف والمستحق ، بينما يعتقد دافع الضريبة أنها ليست حقاً للدولة لأسباب عديدة منها أن جزءاً منها ينفق فى وجوه لا يستفيد منها الفقراء ، كما أنها تؤخذ من الفقراء والأغنياء . (4) - تجب زكاة المال فى الأموال التى تتوافر فيها شروط معينة منها أن يكون المال فائضاً عن الحوائج الأصلية وخالياً من الدين وأن يصل نصاباً معيناً فى بعض الزكوات ، بينما لا تأخذ الضريبة هذه الشروط فى الحسبان حيث أحياناً تؤخذ من الفقير الذى هو دون حد الكفاية وحد الكفاف وسواء عليه دين أم لا . (5) - لزكاة المال مصارف محددة ومعلومة هى ثمانية وتهتم بالعنصر الإنسانى ولا يجب أن توزع حسب هوى الحاكم ، بينما توزع حصيلة الضرائب حسب تقدير ولى الأمر ، ويستفيد منها الفقراء والأغنياء ، بل فى بعض الأحيان يستأثر بالاستفادة منها الأغنياء . (6) – تعتبر الزكاة عبادة الله والامتثال لأوامره كما أنها شكر له ، تغلاس فى المسلم خصال الكرم والمحبة ، وهى مرتبطة بحفظ الحاجات الأصلية للإنسان وهى : حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ، بينما يصعب على أى نظام ضريبى تحقيق ذلك ، بل نجد أنه فى بعض الدول تستخدم جزءاً من حصيلة الضريبة ضد حاجات الإنسان المعتبرة شرعاً . (7) - تهدف الزكاة إلى تحقيق التكافل الاجتماعى نصاً وروحاً وربط الفقير بالغنى ، بينما فشلت نظم الضرائب الوضعية فى تحقيق ذلك ، وكل ما نسمعه هو تغنى ومتاجرة بالكلام بل أحياناً تؤدى الضريبة إلى الحسد والكراهية بين الناس بصفة عامة ، وبين الممولين والأجهزة الضريبية . (8) - تهدف الزكاة إلى التحفيز على الاستثمار وعدم الاكتناز وتوفير الأموال السائلة للمشروعات الاقتصادية ، بينما تؤدى الضريبة إلى الاكتناز وذلك فى ظل أسعار الضرائب المرتفعة . (9) - تؤدى زكاة المال إلى تحقيق التنمية الاقتصادية التلقائية ومحاربة الفقر ، بينما عجزت النظم الضريبية عن تحقيق ذلك بنفس المستوى ، بل أحياناً يؤدى ارتفاع أسعار الضرائب فوق الطاقة إلى التهرب منها أو الإحجام عن إنشاء المشروعات الاستثمارية . (10) - تتسم أحكام زكاة المال بالثبات والاستقرار ولا تصطدم ببيئة ولا بزمن ولا بظروف بينما تتغير وتتعدل قوانين الضرائب على مر الأيام والأزمنة . (11)- يقوم المزكى من تلقاء ذاته من باعث ودافع الحب لله وتقرباً إليه بسداد الزكاة ، ومن يتهرب منها فهو ضعيف الإيمان ، بينما نجد أن دافع الضرائب يراوغ ويحاور ويحاول جهده لتجنبها والتهرب منها لغياب الباعث الإيمانى وضعف الباعث والدافع الذاتى عنده . ولا تعنى هذه الفروق حث الناس على عدم أداء الضرائب بل هى من حقوق المجتمع لتمويل الخدمات العامة التى تخرج عن نطاق مصارف الزكاة مثل الأمن والتعليم والعلاج ونحوه ، وإن كان هناك انحراف فى توجيه حصيلتها فيقع الإثم على ولى الأمر وبطانته وعلينا أن ندعوهم إلى الخير ونأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر . ومن ناحية أخرى نناشد أولياء أمور المسلمين المعنيين بأمور الضرائب بتطبيق نظام زكاة المال ، وتطوير وإصلاح النظم الضريبية القائمة فى ضوء أحكام الزكاة ، عندئذ تتحقق البركة والنفع مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى : " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً " [ طه : 123-124 ] ، ومصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً : كتاب الله وسنتى " (رواه مسلم) . من كتاب أساسيات أحكام الزكاة دكتور حسين حسين شحاتة
حكم التطبيق المعاصر للضريبة بجانب الزكاة أصبحت فريضة الزكاة من فرائض الإسلام المنسية ، ولا سيما بعد تطبيق مفاهيم العلمانية [ التي تقضي تنحية الدين عن حلبة الحياة ] وكذلك تطبيق نظم الضرائب الوضعية في معظم الدول الإسلامية ، وتخلي ولي الأمر عن مسئوليته فى تحصيل الزكاة و إنفاقها في مصارفها الشرعية . ولقد انشغل معظم المسلمين في هذه الأيام بأمر الضرائب خشية الوقوع تحت طائلة جريمة التهرب ، ونسوا حق الله في المال وحرمة الامتناع عن أدائه ، وهذا خطاء بل ج أن يكون التطبيق المعاصر للزكاة من أهم قضاياهم ، ولا يجوز التهاون بشأنها مهما كانت التحديات لأنها تمس العقيدة والشريعة والمجتمع والأمة الإسلامية. ومن أهم المشكلات المعاصرة التي تواجه تطبيق الزكاة هو تطبيق نظم الضرائب الوضعية ، واختلف الفقهاء بشأن قضية التكامل والتنسيق بينهما في ضوء أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية فمنهم من يري " لا حرج من تطبيق الضريبة بجوار نظام الزكاة لأن لكل منهم موارد ومصارف خاصة " ، ومنهم من يري أن الأصل هو تطبيق نظام الزكاة ، وإن لم تكف الحصيلة تفرض ضرائب علي الأغنياء بضوابط شرعية ، كما تفرض الضريبة علي غير المسلمين . والرأي الأرجح الذي أخذت به مجامع الفقه هو : ( إن ما يُفْرَض من الضرائب لمصلحة الدولة لا يُغْنِي القيام به عن أداء الزكاة المفروضة(1) ) . ومما يجب التأكيد عليه فى هذا المقام هو أن الضريبة لا تغنى عن الزكاة ، وليسا متماثلين ، ويخصم ما دفع من الضرائب من الأموال الخاضعة للزكاة ، وهذا يحدث فعلا لأنه عند دفع الضريبة يُنْقَصْ المال الذى سوف تفرض عليه الزكاة. (1) ـ من قرارات المؤتمر الثانى لمجمع البحوث الإسلامية سنة 1965م . (2) ـ مركز صالح عبد الله كامل بجامعة الأزهر ، ندوة " التطبيق المعاصر للزكاة " . من كتاب أساسيات أحكام الزكاة دكتور حسين حسين شحاتة
حكم التهرب من الضريبة بدعوى أداء الزكاة يتهرب كثير من الناس من أداء الضرائب والرسوم الجمركية وما فى حكمهما بطريقة أو بأخرى ، ومبررهم فى ذلك : أن الضريبة نظام وضعى ، وأن الضريبة ظالمة وينفق جزء منها فى غير الحق ، وأنهم يؤدون الزكاة … إلى غير ذلك من المبررات . ويثار تساؤل : ما حكم التهرب من الضريبة فى ميزان الإسلام ؟ لقد تناول فقهاء الإسلام المعاصرين هذه القضية بشىء من التفصيل وخلصوا إلى مجموعة من القرارات والفتاوى من أهمها ما يلى :(2) (1) - يجوز لولى الأمر أن يوظف على أموال الأغنياء ضرائب بضوابط شرعية للإنفاق منها على الخدمات العامة التى لا تدخل فى نطاق مصارف الزكاة مثل : الأمن ، والتعليم ، والعلاج ، والمرافق ، وغيرها من التى تعتبر من الضروريات للناس وتأسيساً على ذلك لايجوز التهرب من أدائها . (2) ـ يجب أن تُفْرَض الضرائب بالحق ، وتُحَصّل بالحق ، وتنفق فى الحق ، فإذا تحققت هذه الشروط الثلاث أصبحت الضريبة عادلة وواجبة الأداء. (3) ـ تُجَنَّب فرض الضرائب الظالمة لأنها من المكوس التى حرمتها الشريعة الإسلامية وعرفها الدكتور يوسف القرضاوى : بأنها التى تؤخذ بغير حق وتنفق فى غير حق ولا توزع أعباؤها بالعدل ، ويستأثر بحصيلتها الحكام والملوك . (4) ـ أن لا يكون فى فرض الضرائب والرسوم الجمركية مخالفات لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ومقاصدها وهى : حفظ الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال .(5) ـ يعتبر ولى الأمر مسئولاً أمام الناس وأمام الوطن عندما لا يلتزم بالضوابط الشرعية لفرض الضريبة . وفى هذا الخصوص يقول الدكتور يوسف القرضاوى أنه يجب توافر عدة شروط فى الضرئب العادلة من أهمها ما يلى(1) : (1) - توزيع أعباء الضرائب بالعدل . (2) - إنفاق حصيلة الضرائب فى مصالح الأمة . (3) - موافقة أهل الشورى والرأى فى الأمة على فرض الضرائب . (4) - أن تفرض الضرائب على الأغنياء لا تفرض على الفقراء . وخلاصة الرأى : أنه لا يجوز التهرب من أداء الضرائب والرسوم الجمركية وما فى حكم ذلك باعتبارهم من الموارد السيادية للدولة ، وإن كان هناك ظلم فيزال بالأساليب المعتبرة شرعاً وقانوناً ، ويعتبر ولى الأمر مسئولا عن أى مخالفات شرعية ، ولا يجوز تعطيل فرضية الزكاة بدعوى تطبيق الضرائب . وهذه الخلاصة تقودنا إلى بيان الفروق بين الزكاة والضرائب . (1) ـ د . يوسف القرضاوى ، " فقه الزكاة " ، الجزء الثانى ، صفحة 1079 وما بعدها . من كتاب أساسيات أحكام الزكاة دكتور حسين حسين شحاتة