سجل بياناتك الان
من معايير الإدارة الناجحة... الإخلاص في العمل إعداد: الدكتور هايل طشطوش الإنسان بطبيعته وفطرته يرغب في تحقيق النجاح والتطور ويطمح إلى العلو والارتفاع في أي مكان يكون فيه، ومن أجمل صور هذه الرغبة حينما يطمح الإنسان إلى النجاح في موقعه الوظيفي بغض النظر عن الحجم والمركز،..... النجاح حالة تحتاج إلى معايير والى قيم خاصة بها ، فليس الكل من البشر يمتلك قدرات تمكنه من التطور والتقدم في مجال عملة. النفس البشرية تحتاج إلى ترويض لتتعلم وتتقن فنون الإدارة وتسيير الأعمال وهو ما بات اليوم يعرف بمهارات تطوير الذات أو مهارة تطوير النفس الإنسانية، .... إن من ابرز معايير النجاح هو التفاني والإخلاص في العمل، انه المعيار الأول الذي لا يمكن بدونه الاستمرار في قيادة منظمات الأعمال وإدارتها بشكل صحيح، وهو كذلك من متطلبات الرقي في العمل والاستمرار فيه سواء كان عملا خاصا أو عاما(حكوميا)، الإخلاص هو حالة تنبع من داخل الضمير الإنساني تحفز الجوارح على بعض الفنون في العمل أبرزها الإتقان ، وقد بات عالم الأعمال اليوم يعتمد وبشكل كبير على الإتقان وذلك من اجل تحقيق المنافسة الفعالة والدخول إلى السوق بقوة. تطوير الذات يحتاج إلى ترويضها على الإخلاص والتفاني في العمل من اجل النجاح، والنفس البشرية تكتسب مثل هكذا مهارات بعد تعويدها عليها وتلقينها إياها، ومع الأيام تصبح ممارسة متقنه وفن يستطيع المرء تطبيقه ، ومهارة من مهارات القيادة الناجحة. لو دققنا النظر في منظمات الأعمال التي حققت نجاحات كبيرة في عالم المال والأعمال لوجدناها اتخذت من الإخلاص في العمل شعاراً لها وسعت لتطبيقه وجعله جزاء من مهارات العاملين لديها مما انعكس على كميات إنتاجها وبالتالي عزز من قدرتها على المنافسة.
عامل الزمن من أهم مقومات النجاح المعنى الحقيقي للنجاح هو أن يحقق الإنسان إنجازا ذا قيمة كبيرة ينقله من واقع إلى واقع أفضل منه بكثير بحيث لا يمكن أن يعود إلى سابق عهده إلا بشكل نادر جدا ، مثل الشاب الذي يتخرج من كلية الطب ويصبح طبيبة ناجحة لا يمكن أن يعود سهم حياته إلى الوراء ويكون ليس طبيبا . والنجاح بصورة عامة ليس بالأمر البسيط كما له آثار إيجابية كثيرة في حياتنا ، والإنسان الماهر المتمكن من عمله سواء كان مهندسا أو إدارية أو رجل أعمال ، وبصرف النظر عن مجال عمله هو أكثر فاعلية وتحكما على زمام حياته من الإنسان البسيط الذي يفتقر إلى مهارات عالية ويعتمد على وظيفة عادية للغاية وقد يسد مكانه أي شخص بسهولة . دل بها على أهوائنا ومخاوفنا ونزوعنا إلى الراحة الجسدية والبقاء في المنطقة الآمنة والإنسان بطبيعته العمل المتعب وارتياد الزوايا المجهولة ولكن في حال امتلكنا رغبة كبيرة في تحقيق هدف معين سوف نتغلب على ذلك ولهذا معظم الناجحين هم أصحاب إرادة قوية . كما نحتاج إلى الطريق المناسب الذي يوصلنا إلى هدفنا المنشود وذلك عن طريق القراءة والاستماع إلى المحاضرات المفيدة والاستفادة من السابقين الذين خاضوا تجربة النجاح في المجال الذي نسعى للنجاح فيه وغيره من المجالات الحيوية . وأول درس ينبغي أن نتعلمه في بداية هذه الرحلة هو أن تدرك جيدا بأن الفرق بين العمل واللعب هو أن العمل يتمثل في أي نشاط يقوم به الإنسان ويعود عليه بالنفع أو على أناس آخرين . والمساهمة في تشييد الحضارات . وسمعت قبل سنوات من أحد الناجحين بأن ٪۸۰ من الأشخاص الذين يعملون ما عليهم فعله ويبذلون الجهد الكافي سوف ينجحون في تحقيق أهدافهم وأثبتت لي الأيام بعد ذلك بشكل ملموس صحة هذه النظرية . ومن عناصر النجاح الأساسية هو الصبر على تحمل الصعاب ؛ لأن حياة البشر لا تسير على وتيرة واحدة وليس كلما نخطط له في عقولنا يتحقق على أرض الواقع بنفس الصورة التي رسمنا لها ، لذلك نحتاج إلى الصبر ونذكر أنفسنا دائما بأهميته . الصبر هو العنصر الأساسي الذي يحتاج إليه الناس في سبيل سعيهم للنجاح ، خط مستقيم ، وإذا لم نمنحها القدر المطلوب من الزمن سنكون من العاجلين ، لهذا في الأدب الروسي يقول العجوز الحكيم للطفل الذي يقود العربة امش رویدا لكي نصل بسرعة . لا يود أن يخسر إطلاقا يريد أن تكون الأمور كلها على ما يرام ، كلها ممهدة أمامه والناس كلهم أخيار وصادقون معه ، أما ماعدا ذلك من الخسائر والإخفاقات المقبولة يكون تجنبها على حساب شجاعتنا في خوض تجربة الحياة بالشكل الذي يتلاءم مع قدراتنا ، عندما تخرج من مرحلة الثانوية التحق بكلية الطب وتخصص في طب العيون وأصبح طبيبة ، وطبعا هذا غير ممكن ولكن بسبب طموحه الكبير ومبادرته وفقه الله في مشروع عالمي استفاد منه آلاف الناس .
ما هي أهدافك بالحياة..كيف تخطط لحياتك ؟ من كتاب إبدا مشروعك ولا تتردد للدكتور / نبيل بن محمد شلبي أراد معلماً أن يلقن تلاميذه درساً ذا علاقة بالوقت ، فأحضر إناءً زجاجياً بحجم الجالون وأخذ يضع بعض الأحجار بحجم اليوسفي الواحدة تلو الأخرى حتى امتلأ الإناء عن آخره ، وسأل تلاميذه: هل امتلأ الإناء؟ وأجاب الجميع: نعم. فأحضر حصيات صغيرة بحجم البندق ووضع الكثير منها ورفع الإناء وأخذ يحركه حتى تحركت الحصيات من تلقاء نفسها بين الأحجار، وسألهم ثانية: هل امتلأ الإناء؟ وهنا رد بعضهم: ربما! فابتسم المعلم وأخذ كيساً من الرمل وسكبه ليملأ كل الفراغات المتبقية، ثم سألهم نفس السؤال ليجيب الجميع: لا!! ، وبالنهاية تناول قارورة من الماء وسكبه بالإناء حتى امتلأ عن آخره. التفت المعلم لتلاميذه وتساءل: ماذا نستفيد من هذه التجربة؟ فرفع أحدهم يده وأجاب: إن استغلالنا للوقت(الإناء) لا يقتصر فقط على الأنشطة الهامة والكبيرة(الأحجار) ولكن يمكننا بمزيد من الاجتهاد والتنظيم أن يتسع وقتنا للعديد من الأنشطة الأخرى الفرعية والصغيرة (الحصيات والرمل والماء). ففاجأ المعلم تلاميذه بقوله: كلا هذا ليس ما نستطيع تعلمه فقط من هذه التجربة... إن أهم نقطة بالتجربة أنه إنك إذا لم تضع الأحجار أولاً فلن تستطيع أبداً أن تضعها بالإناء. إن الأحجار ترمز إلى الأشياء الهامة في حياتك بصفة عامة وكمستثمر بصفة خاصة فهي التعليم ، الزواج ، بدء مشروعك الخاص ، وغيره من الأحلام التي يجب أن تخطط لتحقيقها. اسأل نفسك الآن... ما هي الأشياء الهامة بحياتك.. في مشروعك.. في بيتك.. ثم ضعها أولاً بالإناء. ولأن مشروعك يدار بواسطتك أنت ، فمن المهم أن تتعرف أيضاً على الوقت وخصائصه ومضيعاته وكيفية سرقته وكيفية استغلاله بصورة فعالة. وقديماً قيل Time is Money واليوم نقول Time is Value ، قيمة أغلى وأثمن من الذهب.
إدارة الذات إن أول طريق النجاح في الحياة هو نجاحك في إدارة ذاتك والتعامل مع نفسك بفعالية، وإن الفشل مع النفس يؤدي غالباً إلى الفشل في الحياة عموماً وربما إلى الفشل في الآخرة والعياذ بالله ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، والتغيير قد يكون إيجابياً للأفضل، وقد يكون سلبياً للأسوأ، وقد يظهر لنا أن بعض الناس نجح في الحياة وإن فشل في إدارة ذاته. والحقيقة إن ذلك وهم خادع وطلاء ظاهر تحته الشقاء والتعاسة التي ستنكشف عند أول هزة وبئس النجاح المزعوم الذي في داخل صاحبه غياهب من الشقاء وأكداس من التعاسة وإن مرحت بصاحبه المراكب الفارهة وتبوأ في نظر الناس المناصب العالية أو امتلك الثروات الطائلة. وإليك أيها القارئ الكريم بعض القواعد العامة التي إذا حولها الإنسان إلى عمل في حياته تحقق له بإذن الله ما يُمكن أن نطلق عليه إدارة الذات بفعالية : 1- أدِّ حقوق الله – سبحانه وتعالى – عليك واستعن به فيما ينوبك من أمور الحياة ( إياك نعبد وإياك نستعين) ؛ لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله له أمور حياته، وإذا تعرف الإنسان إلى ربه وقت الرخاء وجده وقت الشدة (احفظ الله يحفظك) ومن ضيع حقوق ربه فهو لما سواها أضيع (نسوا الله فنسيهم). ورحم الله القائل: ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلاّ الأنس به، وفيه حزن لا يذهبه إلاّ السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلاّ الفرار إليه، وفيه فاقة لا يسدها إلاّ محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تُسدّ تلك الفاقة أبداً). كن مع الله يكن معك، وحينئذٍ فلن تخيب سعيك إن شاء الله. 2- أملأ ذهنك بالتفاؤل وتوقع النجاح بإذن الله ، وليكن الاستبشار دائماً ، مسيطراً على فكرك وشعورك ( بشروا ولا تنفروا ). 3- عوّد نفسك على أن تكون أهدافك في كل عمل تقوم به سامية واضحة كما تقدم معنا في الحديث عن الأهداف. 4- ألزم نفسك بالتخطيط لأمور حياتك المختلفة وابتعد عن الفوضى والارتجالية في أعمالك قدر الإمكان ، نظم جهدك واتجه لهدف واضح محدد واحذر الفوضى في مسيرتك لهدفك، وقد تقدم الحديث عن التخطيط في الحياة في مكان سابق. 5- حوّل خططك في السعي نحو أهدافك إلى عمل ملموس وواضح حي، وابتعد عن التسويف والبطالة، وسيأتي عن ذلك مزيد حديث إن شاء الله. 6- احذر من ضياع شيء من وقتك دون عمل فهو ضياع الحياة، واحرص على أن تتقدم نحو أهدافك كل يوم ولو خطوة واحدة، فمن سار على الدرب وصل، وقد تقدم الحديث عن الاستغلال الأمثل للزمن قبل قليل. 7- نظم أمورك بكتابة مواعيدك والتزاماتك والتعود على حفظها، وكذلك تنظيم وتصنيف أشياءك في منزلك ومكتبك وسيارتك وغيرها بطريقة مناسبة تسهل عليك التعامل معها، وقد سبق الحديث عن ذلك أيضاً في مبحث (تنظيم الحياة شرط لنجاحها). 8- قاوم محاولات النفس للهروب من الأعمال الجادة المهمة إلى المتعة واللهو باستمرار، وسيأتي عن ذلك مزيد بيان إن شاء الله. 9- لا تنسى أن الأعمال أكثر من الأوقات، وحنيئذٍ فإياك أن تضيع أوقاتك في التوافه من الأمور بل قدم الأهم من الأعمال على ما سواه. 10- ليكن شعارك المبادرة والمسارعة إلى كل خير ومفيد مضى لا يعود أبداً والحياة سباق وهي أقصر من أن تنتظر أو تؤجل أو تسوف فيها. 11- إذا رأيت من عاداتك سيئاً أو معوقاً عن التقدم لأهدافك فعالجه واستبدله بخير منه، ولا يكن للعادات عليك من سلطان إلاّ بقدر ما فيها من حق ونفع، والعادة هي ما يفعله الإنسان بصورة آلية متكررة دون جهد فكري أو مشقة بدنية والعادات مكتسبة ؛ ولذلك يُمكن تغييرها واستبدالها عند الحاجة لذلك، وإن كان في الأمر مشقة، فمن عوَّدَ نفسه فعل الخير والعمل والإنتاج اعتاد ذلك، ومن عوَّدها الفساد في الأرض أو البطالة والكسل والخمول اعتاد ذلك. 12- اجعل القيم والمبادئ الاعتقادية فوق المساومات ولتكن موجهة لكل نشاط في حياتك ، وإن لم تكن كذلك والعياذ بالله فأنت أول من يحتقر نفسك وإن يجلك الآخرون ومدحوا. 13- اجعل البحث عن الحق ديدنك، واحذر النفاق بجميع صوره واشكاله، واصدع بكملة الحق بأدب وعفة وصدق ونَمِّ في نفسك القدرة على الحسم عند مفترق الطرق بين الحق والباطل. 14- واجه نتائج أعمالك بشجاعة وصبر وثبات ومسئولية محتسباً كل ما يصيبك عند ربك، ولتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف، واحذر من كثرة الشكوى والضجر فهما من صفات الضعفاء (شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع) (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). 15- لا تجعل شخصيتك كالزجاج الشفاف الذي يسهل كشف ما وراءه ومعرفة حقيقته، لكل عابر سبيل، ففي الحياة الكثير من الفضوليين والمتطفلين بل والاشرار، واجعل لذلك باباً موثقاً وحارساً أميناً يأتمر بامرك فيفتح ذلك في الوقت المناسب وبالقدر المناسب ولمن هو أهل لذلك ويغلق عند الحاجة لذلك. وهذا يستدعي منك أن تتمرَّن على ضبط مشاعرك وأحاسيسك وعدم الاسترسال في إبرازها ما لم يكن في ذلك مصلحة، وان تحتفظ بهدوئك ورباطة جأشك في المواقف المثيرة والجادة، وأن تختار كلماتك بعناية فيها، وخلاصة القول ليكن التعبير عن اشتعال عواطفك مدروساً. 16- اجعل مثلك الأعلى وقدوتك الدائم محمداً صلى الله عليه وسلم إذ أنه هو الذي بلغ أعلى درجات الكمال الإنسان، ولن تبحث عن حل لمشكلة في أي جانب من جوانب حياتك إلاَّ وجدت ذلك الحل في سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، وهذا يستدعي منك أن تكون دائم المطالعة لسيرته والبحث في طريقته. 17- تسلّح بروح الفكاهة والمرح دائماً من غير إسفاف ولا مبالغة ، وإذا ادلهمت الخطوب فابتسم لها ؛ لأن الحزن والتقطيب منهكان للنفس منهكان للجسد مشوشان للفكر. 18- احذر من الخيال الجامح المحلّق في سماء الأوهام كما تحذر من التشاؤم المفرط المحطم للآمال، وكن وسطاً بين طرفين، زاوج بين الخيال والواقع. وألْجِم نزوات العواطف بنظرات العقل، وأنر أشعة العقل بلهب العواطف، وألزم الخيال صدق الحقيقة والواقع ، واكتشف الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة. 19- لا تغرق في الكماليات فتهلك في الترف بل تزود من المتاع بما يكفيك في مسيرك نحو أهدافك ، ولا يثقل على كاهلك ( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم)، ومن أصبح أسير الشهوات والملذات صعب عليه تركها وأصبحت إرادته هشة ضعيفة. 20- أخيراً اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة وهو أعلم الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل ، فالعاقل الموفق هو من وجّه حياته وعمله وتخصصه نحو ما فيه من صفات القوة ونأى بنفسه وحياته عن نقاط الضعف في شخصيته. فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها مستكنة في أغوار المحيطات المظلمة، وكم من زهرة استقامت على عودها في الصحراء مضيعة شذاها العطري مع سافيات البيداء ولو أُكتشفت هذه وتلك لكان لهما شأن آخر. المصدر/ كتاب " حتى لا تكون كلاً عوض بن محمد القرني
نصادف أحياناً في حياتنا أناس يملكون علينا عواطفنا ، يتمتعون بشخصيات جذابة تؤثر فيمن يخالطون ، وكل منا يتمنى أن يمتلك مثل هذه الشخصيات ، وبالطبع هناك مقومات أساسية لتلك الشخصيات كنت قد ذكرت بعضاً منها في مقال سابق بعنوان (فن التعامل .. مفتاح لقلوب الناس) كان الحديث فيه عن فن التعامل بشكل عام ، بينما هنا فيه بعض الخصوصية .. وسنركز الحديث عنها في هذا المقال بشكل صريح وبدون أي تحفظات : أولاً - المظهر : لأن الشكل أول ما يجذب العين ، ويكون بمثابة تذكرة المرور إلى القلوب كان لا بد من أن نضعه في أول أولوياتنا .. وأن نوليه القدر الكافي من الاهتمام ، وبطبيعة الحال أنا لا أعني هنا الخلقة فليس بمقدورنا تغييرها ، لكن أقصد الأناقة وحسن الهندام، والاهتمام بالنظافة الشخصية كالأظافر والعناية بالشكل، والحرص على وضع عطر هادئ وجميل، لأن أغلب العطور الفواحة تسبب الصداع وتثير عند البعض الحساسية وبالتالي تشعر من تجالسهم بالضيق، إضافة إلى أن العطور الفواحة - فضلاً عما ذكر - لا تصلح للمجالس والأماكن المغلقة . وعلينا أن ندرك أنه ليس شرطاً أن يرتدي أحدنا أغلى الملابس ويبتاع أثمن العطور ليحقق هذه الغاية ، لكن يتم ذلك من خلال الاهتمام بالتناسق بين ألوانها حتى وإن اتسمت بالبساطة . حاول أن تبدو مبتسماً هاشاً باشاً ، فالابتسامة تعرف طريقها إلى القلب ، ولا تتعارض أبداً مع الوقار ، على العكس تماماً من الضحك . ثانياً - آداب المجالسة : عندما تجلس مع أحد حاول بقدر الإمكان أن توليه كل اهتمامك ولا تتشاغل بالنظر إلى الأرض ، ولا تحرص على الالتصاق به، فقد يكون معك ما ينفره منك، وقلل من الحركة والالتفات فهي دليل الحمق ، وانتبه لكل حركاتك لأنك قد تغفل وتقوم ببعض العادات السيئة ، وحاول أن تجعل كل تفكيرك في حديث من يقابلك فقد يسألك عن نقطة ولا تستطيع الإجابة عليها فيأخذ ذلك على أن حديثه مملاً ولا يروق لك . عند الزيارة حاول بقدر الإمكان أن تكون خفيفاً ، وألا تطيل البقاء خاصة إن كنت أنت الزائر الوحيد أو الغريب في مجتمع عائلي أو متجانس ، وعليك أن تختار الأوقات المناسبة للزيارة ، وأن تكون قدر الإمكان بدعوة ، وحتى ولو رأيت استحسانه لمجالستك لا تكثر من زيارته إلا إن دعاك حتى لا تبدو شخصاً مزعجاً مملاً يندم على أنه تعرف إليك ، كما يجب عليك ألا تجلس إلا في المكان الذي يختاره لك . حاول عدم استخدام هاتفك المحمول بإجراء اتصالاتك أثناء اجتماعكما ، وألا تستخدمه إلا لضرورة أو للرد على اتصال بهدوء وصوت منخفض وأن يكون الرد بشكل مقتضب، ولا تمد يدك لتستخدم هاتفه إلا لضرورة وبعد استئذان. لا تقاطعه لتستأذن بالانصراف أثناء تحدثه معك ، وإذا استأذنت لا تتحدث بأي شيء سوى الإطراء لجميل ضيافته لك ، وعليك ألا تتحدث أمامه عن أحد بما يكره ، ولا تظهر أخطائه أو هفواته أمام أحد فهذا سيعطي انطباعاً عنك بأنك غير جدير بأن يدعوك أحد لمنزله . إن حدث ودعاك للطعام حاول بقدر الإمكان الاعتذار ، وإن أُحضر لا تكثر من الأكل حتى وإن كنت جائعاً ، ولا تأكل بسرعة ، ولا تتحدث وبفمك طعام ، وإن قدم لك القهوة أو الشاي احرص ألا تشرب إلا بعد أن يشرب هو من كوبه فقد يكون فيه ما تكره فيقع في حرج شديد . حاول بقدر الإمكان عدم النظر لهيئة المجلس وأثاثه بحضوره ، وابتعد عن الفضول بقراءة ما حولك من صحف ومجلات وأوراق ، ولا تمد يدك لأي شيء مما تقع عليه عينيك فهذه صفات ذميمة . حاول أن تكون معتدلاً في جلوسك، فبعض أوضاع الجلوس تعبر عن سوء الأدب، ولا تمد رجليك في حضرته ، ولا تضع رجلاً على رجل . عند بداية الحضور لا تسابقه إلى الدخول ، وعند الانصراف لا تخرج قبله لتمنحه الفرصة في أن يصلح من شأن مكان مرورك . عود نفسك على السيطرة على تصرفاتك والابتعاد عن العادات السيئة كالعبث في الأسنان والأذنين والأظافر والأنف ، فهي أعمال منفرة تثير الاشمئزاز والاستقذار، وحاول ألا تظهر التثاؤب وأن لم تستطع أبقِ فمك مغلقاً أو سده بيدك، فالتثاؤب صفة مذمومة شرعاً وعرفاً ، وفتح الفم فيها يعبر عن قلة الذوق والأدب . ثالثاً - آداب الحديث : حاول أن تكون منصتاً ومستمعاً أكثر من أن تكون متحدثاً ، وفكر جيداً في صفة كلامك قبل أن تنطق به ، وانتق مفرداتك بشكل جيد ، ولا تتحدث فيما لا تفقه به أو ما لا يتوفر لديك معلومات كافية عنه ، ولا ترفع صوتك ، ولكن تحدث بشكل هادئ وطبيعي ، ولا تقاطع محدثك بحديثك حتى وإن كان لديك توضيحاً أو اعتراضاً ما لم يتوجه لك باستيضاح أو سؤال ، ولا تكثر من الاعتراضات حتى وإن كنت على حق، وإن كنت لا بد فاعلاً فحاول أن يكون ذلك بطريقة لطيفة ولبقة، وحاول أن يكون الحديث في نفس المجال الذي حدثك به، ولا تبادر في فتح مجال جديد للحديث حتى تعرف توجهات من تجالس ، فقد تتحدث بما لا يناسبه أو يمسه، وإن كان لا بد من أن تبدأ أنت الحديث حاول انتقاء الموضوع الشيق ، ولا تحرص على التحدث فيما لا يصدق حتى وإن كان ذلك حقيقياً وحدث بالفعل ، ولا تحرص على الإسهاب بحديثك، وأعط من يجالسك الفرصة في أن يشاركك ، وابتعد عن الغيبة والنميمة وكثرة الانتقادات . إن كان لقاءكما هو الأول فلا تتحدث كثيراً عن نفسك حتى لا تبدو في نظره نرجسياً، ولا تتكلف ما ليس فيك ، وعليك أن تتحدث بكلمات مفهومة ، وأن تركز أفكارك حتى تبدو أكثر ثقة بنفسك ، وألا تكثر من الحديث عن عملك وحياتك الخاصة فتبدو ثرثاراً ليست لديك أي خصوصية، وابحث عن مجالات الحديث العامة المشتركة. وحتى وإن كانت لقاءاتك معه كثيرة هناك أموراً خاصة لا يليق بك الحديث عنها في حياتك الخاصة ، ولا تسأل أيضاً في أموره الخاصة ، وإن حاول هو الحديث عنها حاول أنت أن تبتعد في حديثك عن الخوض فيها حتى وإن كانت هناك مناسبة للمشاركة. رابعاً – حقوق الصحبة : نصل الآن إلى المرحلة الثانية من حسن التعامل بعد أن تخطينا مرحلة التعارف ، لنعرف حقوق وحدود الآخرين ولا نتعدى عليها ، فمن السهل علينا أن نكسب حب الناس ولكن المحافظة على هذا الرصيد هو الصعب . إن من أهم حقوق رفاقك عليك المحافظة على ما يدور بينك وبينهم ، وأن تحفظ لهم الود والاحترام ، وأن تبتعد عن المزاح الثقيل والكلام الجارح ، والأدب والتهذيب مطلوبان مع جميع الناس حتى الأقارب منك مهما بلغت درجة العلاقة والقرب ، فمن يزرع الحب لا يجني إلا الحب ، ولتعلم أن الناس كالمرآة لا يعكسون إلا ما يقع أمامهم . حاول أن تبتعد عن الأنانية وحب الذات ، فهي تجعلك منبوذاً يتجنبك الآخرون ، وحتى وإن ابتليت بها حاول أن تتخلص منها بالتدريج ، والأمر قد يبدو صعباً لكنه ليس مستحيلاً ، ودرب نفسك على ضبط أعصابك والابتعاد عن الغضب ، فالحلم مصدر سعادة لك لأنه يقربك من الناس في الدنيا ومن الله في الآخرة . لا تكن لواماً ، ولا متبرماً كثير الحجج ، ولا مستكبراً ولا بخيلاً ، وإن أخطأت فبادر بالاعتذار، وتعامل مع الآخرين بصراحة ووضوح متلمساً اللطف واللين فيها ومبتعداً عن الوقاحة وقلة الذوق، وعليك بالحياء والتواضع فإنهما من سمات الأنبياء، وحاول أن تبتعد عن نقل الأخبار السيئة حتى لا يربط الناس بينك وبينها ، وتذكر أنه ليس كل ما يعلم يقال. حاول أن تبدو متعاوناً مع الناس عندما يطلب منك المساعدة ، ولا تحرج أحداً في قضاء حاجاتك ، واحرص على استغلال المناسبات السعيدة في التهنئة ، ولا تنس المواساة في الأحداث المؤلمة ، ففي هاتين الحالتين ترسخ الأفعال والمواقف في الأذهان . اختر الأوقات المناسبة دائماً لطلب حاجتك ، وإن حدث وإن صادف لك حاجة عند أحد وكان الوقت غير مناسباً فغض النظر عن طلبها فإن تفقدها خير لك من أن تفقد معها علاقتك بأحد . إذا كنت واقفاً أو جالساً مع مجموعة وأردت الانصراف فاستأذن ولا تنصرف فجأة حتى وإن لم يكونوا يتحدثون معك ، وإذا توقفت عند بائع الصحف وشدك عنوان في أحدها فلا تلتقطها لتقرأ ، بل خذها وأدفع ثمنها ثم أقرأها بعيداً ، وإذا جلست إلى جوار أحد يقرأ كتاباً أو مجلة أو صحيفة فلا تسترق النظر إليها لتقرأ فهذا السلوكيات غير مقبولة في كل المجتمعات . إذا هاتفت أحد معارفك فلا تطيل الحديث معه وأسأله عما إذا كان مشغولاً، وإذا هاتفك أوجز في كلامك ولا تتحدث معه في أمور يطول شرحها فقد يكون مشغولاً ويخجل أن يعتذر منك وحاول أن تجعل أمر إنهاء المحادثة في يده دائماً . * * * * * * * * * أيها الكرام .. إني لأعلم يقيناً أنكم تحملون القدر الكبير من الصفات الجميلة لكن ليس بمقدور أحدنا أن يكتفي من الفضل ، وأعلم أيضاً أن أغلب ما أتيت على ذكره سابقاً هو من الصعوبة بمكان ، لكن لا توجد سعادة بلا تعب ، ولا يوجد نجاح بلا جهد، فجني حب الناس محفوف بالمصاعب ، ولنضع في اعتبارنا أنه ليس شرطاً أن نطبق جميع الصفات الجليلة ، لكن لنأخذ منها ما نستطيع، وكلما رغبنا في الاستزادة وزيادة الرصيد ضاعفنا العمل ، ولنجعل التطبيق على مراحل ، إن محبة الناس لكم نعمة وسعادتكم بها لا تضاهيها سعادة . إعداد: خالد المسيهيج مقتبس من موقع عالم النور